هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

قصة الجمل والضبع

اذهب الى الأسفل

قصة الجمل والضبع Empty قصة الجمل والضبع

مُساهمة من طرف yassine الجمعة مايو 07, 2010 5:51 pm

في قديم الزمان عاش جمل وضبع بسعادة وهناء ، وكانا يمضيان الوقت سويةً دون أن يسبب أي منهما ازعاجاً للآخر ، ذات يوم فكر الضبع في أن يقطع النهر إلى الضفة الأخرى بعد أن سمع من الحيوانات الأخرى أنه في الضفة الأخرى توجد خيرات كثيرة منتشرة هنا وهناك ، وأنها تضم الكثير من الحيوانات الصغيرة التي يمكن اصطيادها بكل يسر وسهولة عكس الحال في هذه الغابة التي باتت خالية من أي منها ، لم يرغب الضبع بعبور الضفة الأخرى سـباحة فالمسافة بعيدة وهو لا يريد أن يرهق نفسه ، ولهذا ذهب لزيارة صديقه الجمل وقال له : ما رأيك بأن نذهب سوية إلى الضفة الأخرى من النهر ؟ فسأله الجمل مقاطعاً : نذهب إلى الضفة الأخرى ؟ فقال الضبع : نعم بالتأكيد غنحن صديقان قديمان ، وأنا لا أطيق الابتعاد عنك ، ولهذا أريد أن نعيش سوية هناك فقد سمعت بأن الغابة هناك مليئة بالخيرات ويمكننا أن نأكل ما نريد دون أن يمنعنا أحد وسنعيش هناك بسـعادة ولن يضايقنا أحد ، فكر الجمل قليلاً في بادئ الأمر فهو يعيش بسعادة في هذا المكان وصاحبه الإنسان يقدم له الطعام والماء ولا يبخل عليه بشيء .
بعد إلحاح كبير من الضبع وافق الجمل في النهاية على اقتراح صديقه وقرر بحكم الصداقة التي تجمعهما أن لا يخذله في طلبه وأن ينتقلا سوية إلى الضفة الأخرى للنهر ، عندها سار الصديقان نحو ضفة النهر ، وتوقف الضبع وقال لصديقه الجمل ، أنا أريد مساعدتك في عبور النهر فأنا كما تعلم لا أجيد السباحة ، وافق الجمل على طلب صديقه وطلب منه أن يصعد على ظهره وبدأ باجتياز النهر نحو الضفة الثانية ، وبعد مدة ليست بالقصيرة تمكن الجمل من الوصول إلى الضفة الثانية ، وعندها قفز الضبع بخفة إلى الشاطئ وقال للجمل انتظرني هنا قليلاً كي أبحث عن الطعام فأنا أشعر بجوع شديد ، قال هذا الكلام وأسرع راكضاً مبتعداً عن الجمل .
وما هي إلا دقائق قليلة حتى شاهد الضبع خروفاً صغيراً فانقض عليه والتهمه بنهم شديد فقد كان يشعر بالجوع ودون أن يفكر بطبيعة الحال بصديقه الجمل . انتظر الجمل ساعة فساعتين وثلاثة دون أن يشاهد صديقه الضبع ، شعر الجمل بالجوع فقد بذل مجهوداً كبيراً في عبور النهر لثقل وزن الضبع ، ولهذا قرر أن يبحث لنفسه عن طعام إلا أنه فكر قليلاً وخاف من أن يهاجمه حيوان مفترس في حال اقتحمامه هذا المكان الغريب الذي لا يعرف شيئاً عنه ، وعندها شعر بالندم لتركه المكان الذي ولد وترعرع فيه ، لقد شعر بالندم لأنه ترك صاحبه الإنسان الذي كان يعطف عليه ويقدم له كل ما يحتاجه من طعام وشراب ويهتم أيضاً بنظافته وسلامته . عندها فقط شعر الجمل بفداحة الخطأ الذي ارتكبه ، فقد كان يعيش بسعادة مع الإنسان ولم يكن ينقصه أي شيء ، وهكذا جلس مجدداً على الأرض بانتظار صديقه ، أما الضبع فقد عاد بعد أن حل الظلام وبعد أن انتهى من التهام الخروف بشكل كامل ، فوجد صديقه جالساً على الأرض بانتظاره ، فقال له على الفور دون أن يسمع أية كلمة من الجمل : إن الحظ لم يحالفني هذا اليوم فأنا لم أعثر على أية طريدة ولهذا فأنت تراني خالي الوفاض لا أحمل شيئا لنأكله ، نظر الجمل بإمعان نحو الضبع وأدرك بأنه كاذب وأنه قد تناول وجبةً دسمةً حرمه منها فآثار الدماء لا تزال بادية على فمه وصدره .
التزم الجمل الصمت ولم يعقب على كلام الضبع بشيء . تمدد في المكان وغط في نوم عميق من شدة الجوع والتعب ، في صباح اليوم الثاني انطلق الضبع مجدداً بمفرده لإحضار الطعام وتغيب في العودة كاليوم الذي سبقه ، وكرر القول ذاته بأن الحظ لم يحالفه ، وتكرر الأمر في اليوم الثالث . عندها شعر الجمل بالغضب لكذب صديقه وخداعه وقرر قطع أية صلة تربطه به واتخذ قراراً بالعودة من حيث جاء ، وما أن انطلق الضبع للبحث عن الطعام حتى غادر الجمل المكان متوجهاً إلى المكان الذي شهد فيه أجمل لحظات السعادة تاركاً ورائه الضبع الذي كشف عن زيف صداقته وريائه .
انقض الضبع مجدداً على أحد الخراف الصغيرة وبدأ بالتهامه وما هي إلا دقائق قليلة حتى شاهد العديد من الأشخاص يقتربون منه وهو يرفعون العصي لضربه ، فقد أدرك القريون أن حيواناً ما بدأ بمهاجمة قطعانهم فقرروا القضاء عليه ، وقد حاول الضبع الابتعاد عنهم إلا أن العصي كانت من نصيبه فأصيب بجروح بليغة ولكنه تمكن من الفرار فأسرع راكضاً نحو ضفة النهر يصرخ مستنجداً بصديقه الجمل لينقذه من الخطر المحدق به ، ولكن الحظ لم يكن حليفاً له هذا اليوم ، فالجمل عاد من حيث أتى والقرويون اقتربوا منه ، ولهذا فقد ألقى بجسده الثقيل المثخن بالجروح في النهر محاولاً العبور إلى الضفة الأخرى سباحة ، وما هي إلا ثوان قليلة حتى بدأ جسده يغوص في الماء لقد حاول جاهداً أن يصعد مجدداً إلى الأعلى لكنه فشل في مسعاه ولفظ أنفاسه جزاء أعماله ، أما الجمل الطيب القلب فقد قطع النهر للضفة الثانية دون أي عناء وانطلق لرؤية سيده الذي كان قلقاً لغيابه ، وما أن رأه حتى بدأ يمسح جسده بيديه مرحباً به ، وقال له لقد شعرت بالفزع الشديد لغيابك لقد اعتقدت بأن حيواناً شرساً قد التهمك ، وسرعان ما قدم له الطعام والماء ومن يومها والجمل لا يفارق الإنسان في ترحاله يصاحبه في كل خطوة ويقطع معه المسافات جنباً إلى جنب .
نستنج من هذه القصة أيها الأصدقاء الصغار بأن الصديق الحقيقي هو من يضحي بسعادته في سبيل صديقه دون أن ينتظر منه الإحسان ، وهذا هو واقع الحال بالنسبة للجمل الذي كان صديقاً حقيقياً للضبع الذي استغل الصداقة المزيفة بالنسبة له والقائمة على المنفعة لتحقيق مآربه الشخصية وفقد بالتالي صداقته للجمل بعد أن كشف الجمل زيف مشاعر الضبع وأن صداقته من أجل المصلحة فقط ، وتنبهنا هذه القصة بالتالي بأنه يتوجب علينا الحذر والحكمة والتروي وعدم التسرع باتخاذ القرار فقد كان قرار الجمل متسرعاً بمغادرة مسقط رأسه ليرافق الضبع فقد نـسى الجمل يومها أن هناك أناسـاً يحبونه ويهتمون به ويقلقون لغيابه .

yassine

العمر : 30

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى